سؤال للأخ الفاضل ابو هبة الله

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخي الفاضل ابو هبة الله
كيف انت عساك بخير؟؟؟
سؤالي لك اخي هو تفسير قول رسول الله عليه الصلاة والسلام عن ربه سبحانه و تعالى
( كل عمل ابن ادم له الا الصيام فانه لي وانا اجزي به)
لماذا امتاز الصيام بهذه؟بالرغم من ان كثيرا من احاديث رسول الله ان افضل الاعمال الى تعالى هي الصلاة على وقتها و الجهاد و طاعة الوالدين
يعني ابدا ما سمعت انا انو الصيام من افضل العبادات المقربة لله تعالى الا في هذا الحديث
اجبني بارك الله بك
كل الشكر و التقدير لعلمكم الوفير
اختك ام البراء

[url=https://servimg.com/view/12847044/45][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/url

]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد :

هذا الحديث الشريف رواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه

ولفظ مسلم : (قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ

والحديث له شرح جميل جدا في شرح مسلم للنووي ، وكذا في فتح الباري لابن حجر

وقد لخصت الشرح بما رايت انه اقرب لمضمون السؤال :

ذكر العلماء رحمهم الله ان الله تعالى خَصَّ الصِّيَام بهذه المزية ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَظْهَر مِنْ اِبْنِ آدَم بِفِعْلِهِ

وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء فِي الْقَلْب

وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَال لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْحَرَكَاتِ ، إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي تَخْفَى عَنْ النَّاس ،

ولذلك روي في حديث مرسل : (لَيْسَ فِي الصِّيَام رِيَاء )

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَمَّا كَانَتْ الْأَعْمَال يَدْخُلهَا الرِّيَاء وَالصَّوْم لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ فِعْله إِلَّا اللَّه

فَأَضَافَهُ اللَّه إِلَى نَفْسه ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيث " يَدَع شَهْوَته مِنْ أَجْلِي "

وَقَالَ اِبْنِ الْجَوْزِيّ : جَمِيع الْعِبَادَات تَظْهَر بِفِعْلِهَا وَقَلَّ أَنْ يَسْلَم مَا يَظْهَر مِنْ شَوْب ، بِخِلَافِ الصَّوْم .

فالاعمال كلها تظهر بمجرد الفعل فقد يكون عملها رياء ،

اما الصوم فلايظهر الابالاخبار انه صائم فدخول الرياء فيه من جانب اخر

وقد ذكر بعض العلماء معنى اخر :

وهو ان العبادات من الصلاة والسجود والحج وشد الرحال و الذبح والنذور والانفاق

كل هذه العبادات يفعلها اهل الشرك لاصنامهم ويعبدون بها غير الله

لكنه لم ينقل ان احدا من الناس عبد صنمه بالصوم له

وانما هي عبادة خاصة عبد بها الله تعالى وحده دون غيره من المعبودات

وذكر بعض العلماء معنى اخر :

وهو ان الِاسْتِغْنَاء عَنْ الطَّعَام وَغَيْره مِنْ الشَّهَوَات مِنْ صِفَات الرَّبّ جَلَّ جَلَاله ،

فَلَمَّا تَقَرَّبَ الصَّائِم إِلَيْهِ بِمَا يُوَافِق صِفَاته أَضَافَهُ إِلَيْهِ .

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ أَعْمَال الْعِبَاد مُنَاسِبَة لِأَحْوَالِهِمْ إِلَّا الصِّيَام فَإِنَّهُ مُنَاسِب لِصِفَةٍ مِنْ صِفَات الْحَقّ

، كَأَنَّهُ يَقُول إِنَّ الصَّائِم يَتَقَرَّب إِلَيَّ بِأَمْرٍ هُوَ مُتَعَلِّق بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِي

وذكر بعضهم معنى اخر :

فقد روى البيهقي عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ : إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسِب اللَّه عَبْده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِم

مِنْ عَمَله حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ إِلَّا الصَّوْم ، فَيَتَحَمَّل اللَّه مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِم وَيُدْخِلهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّة

وقد يستدل لهذا المعنى بمارواه الامام احمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ

" كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم ، الصَّوْم لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ "

واما قوله : ( وانا اجزي به ) :

قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَال قَدْ كُشِفَت مَقَادِيرُ ثَوَابهَا لِلنَّاسِ وَأَنَّهَا تُضَاعَف مِنْ عَشْرَة إِلَى سَبْعمِائَةِ

إِلَى مَا شَاءَ اللَّه ، إِلَّا الصِّيَام فَإِنَّ اللَّه يُثِيب عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَقْدِير.

وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )وَالصَّابِرُونَ هم الصَّائِمُونَ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوال

فثواب الصوم غير مقدر ، ولايحصيه الا الله تعالى ، لان الصَّوْم يَتَضَمَّن كَسْر النَّفْس

وَتَعْرِيض الْبَدَن لِلنُّقْصَانِ ، وَفِيهِ الصَّبْر عَلَى مَضَض الْجُوع وَالْعَطَش وَتَرْك الشَّهَوَات

وفي حديث عند البيهقي في شعب الايمان :

(عَنْ اِبْنِ عُمَر مَرْفُوعًا " الْأَعْمَال عِنْد اللَّه سَبْع " الْحَدِيث ، وَفِيهِ " وَعَمَل لَا يَعْلَم ثَوَاب عَامِلِهِ إِلَّا اللَّه

ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا الْعَمَل الَّذِي لَا يَعْلَم ثَوَاب عَامِلِهِ إلَّا اللَّه فَالصِّيَام )

قال النووي في شرح مسلم وَقَوْله تَعَالَى : ( وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) بَيَان لِعِظَمِ فَضْله ، وَكَثْرَةِ ثَوَابه ؛

لِأَنَّ الْكَرِيم إِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ الْجَزَاء اِقْتَضَى عِظَم قَدْر الْجَزَاء وَسَعَة الْعَطَاء

قال ابن حجر :

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالصِّيَامِ هُنَا صِيَام مَنْ سَلِمَ صِيَامه مِنْ الْمَعَاصِي قَوْلًا وَفِعْلًا .

وَنَقَلَ اِبْن الْعَرَبِيّ عَنْ بَعْض الزُّهَّاد أَنَّهُ مَخْصُوص بِصِيَامِ خَوَاصّ الْخَوَاصّ فَقَالَ :

إِنَّ الصَّوْم عَلَى أَرْبَعَة أَنْوَاع : صِيَام الْعَوَامّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع ،

وَصِيَام خَوَاصّ الْعَوَامّ وَهُوَ هَذَا مَعَ اِجْتِنَاب الْمُحَرَّمَات مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل ،

وَصِيَام الْخَوَاصّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ غَيْر ذِكْر اللَّه وَعِبَادَته ، وَصِيَام خَوَاصّ الْخَوَاصّ

وَهُوَ الصَّوْم عَنْ غَيْر اللَّه فَلَا فِطْرَ لَهُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة .

وَهَذَا مَقَام عَالٍ لَكِنْ فِي حَصْر الْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث فِي هَذَا النَّوْع نَظَر لَا يَخْفَى

هذا والله اعلم .

ومن اراد الاستزادة فليرجع الى فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر فانه رحمه الله تعالى

وجزاه خيرا قد افاض واجاد في باب فضل الصوم الحديث رقم(1761)

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

» سؤال جزاكم الله خيرا
» أكثر من 1000 سنة في اليوم و الليلة <تابع>
» أكثر من 1000 سنة في اليوم و الليلة < تابع >
» سؤال للشيخ أبو هبة الله
» سؤال الى الاخ ابو هبة الله