معالم معينات على طريق التغيير و التخلص من العيوب

معالم معينات على طريق التغيير و التخلص من العيوب

[size=24]
1. الصدق مع النفس .. أول مفتاح النجاح ، وأوسع الأبواب للتخلص من عيوبها ، فلا أحد يرضى أن بأن يوصف بدناءة النفس أو صغرها ..

و الخلوة مع النفس لتجريدها و إظهار العيوب المستترة ، و التي يعلم أنها في ثنايا قلبه أمر هام ، فلا يتجاهلها خوفاً من رؤية الناس لها أو مكابرة ادعاءا للرضا عنها ..

بمعنى آخر .. لابد أن يعترف بينه وبين نفسه بما فيه ، وبكل شجاعة .. هنا تكون الانطلاقة الأولى على طريق تقويم الاعوجاج .

2. أن يضع نصب عينيه هدف التغيير .. ويبدأ بالسعي إليه .. بل لابد أن تصبح القضية أمر يؤمن به ، ويشعر بأنه بحاجة ملحة إلى ذلك ..

و هذا يولّد فيه الإرادة القوية ، والعزيمة الصادقة ، لأنه ضعيف الإرادة ، ضعيف في اتخاذ القرار ، و في المواجهة ، و في المقاومة، فتصبح النفس هي القائد له بعيوبها .

و ليكن لديه دافع منبعه محبة الله تعالى .. منبعه أن يقول لنفسه : كيف ينظر الله إلي و أنا بهذا العيب ؟

و هذا يسهل عليه الأمر بإذن الله ..

3. الفرار إلى الله من النفس و عيوبها ، و الانطراح ببابه ، وليتذكر هذه الآية

كل من لديه حاجة تقلقه " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ " ..

فليبث إلى ربه عيبه ومعاناته، ويطلب منه العون في التخلص منه، و أن يلهمه رشده إلى ما هو صواب و حق ..

فالعبد لا يقوى على نفسه إلا بتوفيق الله و عصمته ، فإن من يكله الله إلى نفسه غلبته و قهرته و أسرته ، لذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو صباحاً و مساءا " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين " ..

كم نحن بحاجة إلى استشعار هذه المعاني عند ذكرها ..

و في دعاء استفتاح الصلاة " اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها ، لا يصرف عني سيئها إلا أنت " .

هذا طلب من الله بالهداية إلى حسن الخلق و ترك القبيح منها .. وفيه الإقرار والاعتراف بأن ذلك لا يكون إلا من الله تعالى و بتوفيقه و هدايته و شرح الصدر لذلك ..

- و ليعلم أن التوفيق و الإمداد من الله بحسب الاستعداد و صدق السريرة ، يقول تعالى } إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا{ الأنفال 7

و من أهم أسباب بلوغ التوفيق الشعور بالفقر إلى الله في كل الأمور ، والتي منها تزكية النفس يقول تعالى } وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا { النور 21

4. الصحبة مع القرآن الكريم للتخلص من عيبه ، فهو خير صاحب يكشف له نفسه و حقيقتها و علاجها .. فالله هو الخالق ، و القرآن كتابه و هدايته ، وشفاؤه، و هو الذي يخبرنا بما يصلحنا وما يفسدنا حتى نجتهد و نحذر .. يقول تعالى } مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ { ..

ومن الطرق العملية المجربة في هذا الأمر أنه إذا حدد عيبه ( حسد أو كسل مثلا..) فإنه يبدأ بما يلي :

• حصر الآيات الواردة فيه، و كذلك الأحاديث الصحيحة .

• جمع تفسيرها و أقوال السلف فيها .

• حصر طرق العلاج من جميع الجهات سواء الشرعية أو النفسية إن وجد ..

يبدأ بعد ذلك بعرض نفسه على ذلك كله .. ومع القرآن يضع نفسه موضع المخاطب به و يستشعر ذلك بقلبه و عقله ، فإن قوة نور القرآن تخترق ظلمات النفس بإذن الله .

يقول القرطبي –رحمه الله – ( فإذا استمع العبد إلى كتاب الله و سنة نبيه بنية صادقة ، على ما يحب الله ، أفهمه الله كما يحب، و جعل له في قلبه نوراً ) .

- و الآية التي يشعر أن لها و قعاً في قلبه، و تتعلق بالعيب الذي يريد التخلص منه فليرددها .. فإن ترديد الآية يثير المشاعر .. و يرسخ المعنى ، و يزيد الإيمان .

لأن الترديد يعين على التفاعل ، ويسهل دخول نور الآية إلى القلب .

يقول ابن القيم رحمه الله ( فإذا قرأه يتفكر، حتى إذا مر بآية هو محتاج إليها ، وفيها شفاء قلبه ، كررها ولو مئة مرة ) .

ومن الكتب النافعة في هذه الخطوة موسوعة نضرة النعيم .. جزا الله من قام عليها خير الجزاء .

6. ثم يأتي التطبيق ، فهو المحك الذي تظهر فيه معادن الناس ، و يظهر عنده الصادق من المدعي و من يخدع نفسه ، فالعبرة ليست بالقراءة والاطلاع فقط،و إنما بالعمل و التنفيذ .

و التطبيق يحتاج إلى وقفات منها :

• لابد من تكلف فعل الصفة التي يريدها فترة طويلة ، والتكلف يعني (تعمد الفعل مع الإرادة) ، و تكراره، لأن ذلك يوصل إلى التطبع و التخلق المطلوب، و تصبح الصفة راسخة في نفسه .

و من اللطائف الدالة على ذلك تكرار المعاني في القرآن، مع اختلاف الأساليب ليساعد ذلك على ترسيخ المعاني في الأنفس .

يقول محمد بن المنكدر : ( كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت ) .

• أن تكون النفس يقظة، حتى لا ينتكس، و ليعلم أنه في جهاد مع نفسه، ولا يستقيم الجهاد إلا بالصبر ..

و ليعرض عليها آيات الترغيب تشويقاً لها، و آيات الترهيب تخويفًا لها، بما يتناسب و العيب الذي يود التخلص منه حتى تستقيم .

و لننظر إلى فقه السلف رحمهم الله عندما سئل أحمد بن حنبل رحمه الله: إلى كم تتعب نفسك ؟ فقال : راحتها أريد .

• حتى تظهر النتائج فإن ذلك يتطلب وقتاً ، فلا يستعجل ، و يصب باليأس و الإحباط .. خاصة إذا نجح مرة ثم عاد مرة أخرى إلى عيبه ..

و ليتذكر أن الله يحيي الأرض الميتة، وهو كذلك يحيي القلوب الميتة إذا سعى أصحابها إلى ذلك بالصبر و المجاهدة .

يقول تعالى } وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ { محمد 17

و يقول " اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا " يقول ابن كثير رحمه الله ( فيه إشارة إلى أن الله يلين القلوب بعد قسوتها، ويهدي الحيارى بعد ضلتها ، و يفرج الكروب بعد شدتها ، فكما يحيي الأرض الميتة المجدبة الهامدة بالغيث الهتان الوابل، كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن الكريم و الدلائل، ويولج إليها النور بعد أن كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل ) .

ومن صدق الله صدقه ..

و ليجعل نصب عينيه قول الحق تعالى " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " .

7. المحافظة على أذكار الصباح والمساء و النوم .

فكم فيها من الوقفات العجيبة التي تؤكد على ضرورة يقظة الإنسان ، والانتباه للنفس التي بين الجنبين ، فهي تحتوي على الاستعاذة من شرور النفس (اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ) .

و طلب النور من الله تعالى في القلب و سائر الجوارح ، و الاستعاذة من الخذلان بالاتكال عليها ، وغير ذلك من المعاني التي يجب الوقوف عليها بكل حرص و صدق .

و أختم بقول الحسن :

( أبى قوم المداومة، و الله ما المؤمن بالذي يعمل شهراً أو شهرين أو عاماً أو عامين، لا والله ما جعل الله لعمل المؤمن أجلاً دون الموت "

أسأل الله المنان .. أن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ..

و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..

منقووووووووول للفائدة

بارك الله في ما نقلتي اختنا سوسن

وفي ميزان حسناتك باذن الله تعالى

ننتظر منك مواضيع اخرى

وفقك الله وسدد خطاك للخير